لنا دوما معكم لقاء

الاثنين، 17 يناير 2022

الفنانة المغربية كنزة فريدو: الرواد منسيون وأنا واحدة منهم


عبد العزيز بنعبو

الرباط – «القدس العربي» : يمكن اعتبار المشهد الفني في المغرب مثل مناطق طبيعية فيها السهل المنبسط السهل الحرث، وفيها التلال المطلة على الآمال العريضة، وفيها المنعرجات التي تصيب ركاب حافلة الإبداع المسرحي والدرامي والسينمائي بدوار الطريق، وفيها الجبال الوعرة والصعبة المسالك التي لا تمر منها لا حافلات ولا أي وسيلة نقل فنية، كما فيها مناطق نائية مترامية أطرافها على الهامش.
الممثلة كنزة فريدو من القاطنات في الهامش، تعيشه وتتجرع مرارته كل يوم منذ أن وعت على دنيا الفن، حاولت وتحاول مرارا وتكرارا أن تكون حاضرة بكل ثقل الموهبة والأداء الجيد، لكنها تبقى دائما خلف الأضواء، تكابر وتجتهد وتمثل وتكتب وتنهل من معين الأفكار الخلاقة ورغم ذلك تبقى حبيسة الإقصاء.

قد يكون الحظ وقد يكون القدر أيضا له دور في ذلك، لكن حتما ليد الإنسان دور كبير في وضعها، فهي دائما تترقب أن ينادي عليها مخرج ما أو منتج عمل درامي أو سينمائي، لكن الهاتف يظل صامتا وتظل مذكرتها فارغة من مواعيد مقبلة.
راكمت سنوات من العطاء المسرحي، لها رصيد مهم ومميز من الأعمال التي شاركت وأبدعت فيها، والتي جعلت رصيدها الغني يدفع للسؤال عن سر خفوت الأضواء نحوها، فهي مجدة ومجتهدة وموهوبة فوق الخشبة أو أمام الكاميرا.
من وقائع حياتها الأكثر إثارة أنها ذات يوم قبل سنوات طويلة فضلت الفن على الوظيفة وقدمت استقالتها، هكذا بحب ورغبة في تحقيق أحلامها وآمالها العريضة على الخشبة أو امام الكاميرا، وكانت النتيجة غير مرضية.
سألت «القدس العربي» كنزة فريدو عما إذا كانت نادمة على ذلك القرار، فقالت ببساطة «حتى إذا ندمت لن ينفعني الندم سيتعبني فقط».
حديث القرار المصيري الذي اتخذته سبقه حديث الحال والأحوال مع يوميات المسرح والتوقف عن العمل، فقالت بنبرة ألم «الحمد لله على كل حال وكيفما كانت الاحوال» وأضافت مؤكدة أن جائحة فيروس كورونا «زادت الطين بلة، إضافة إلى أنني مهمشة من زمان، والاهتمام أصبح منصبا على الشباب فقط، أما الرواد فمنسيون».
في هذه الأرض المعطاءة التي تمتد اطرافها في الهامش تقيم الفنانة كنزة فريدو، ومنها تطلق صرخة تعب من سنوات الترقب والانتظار الطويلة، ولم تجد من جواب ردا على سؤال الاستقرار، وهل يمكن أن يحققه الفنان ماديا واجتماعيا من حرفة الفن، إلا أنها قالت باختصار «يمكن للفنان في المغرب أن يحقق ذلك، شرط أن يكون مدعما ويشتغل باستمرار».
وعلى اعتبار أنها واحدة من جيل فني أعطى الشيء الكثير، سألناها هل تحققت بعض أحلامها ام أنها لا زالت تبحث؟ رد الفنانة كنزة فريدو كان صادما، أكدت في مستهله ان الفن أولا «هبة من عند الله وأنا أسير فيها بما يرضي الله» ومباشرة بعد ذلك قالت «في المغرب يصعب تحقيق الآمال والأحلام» وكمثال على صعوبة تحقيق الاحلام، ذكرت الفنانة أنها طوال عمرها «وأنا اكتب ولم أستطع النشر حتى بلغت الواحد الستين من عمري، وطبعت اول اصدار لي على تكلفتي الخاصة، وهو عبارة عن مؤلف تحت عنوان «مركب الهبال».
ودائما في إطار تحقيق الاحلام والآمال، قالت كنزة فريدو «كل ما حققته هو من إبداعي ومجهودي الخاص، لا أذكر أن أحدا مد لي يد المساعدة أو العون».
الشيء بالشيء يذكر، وحديث الأحلام والآمال المسيجة بأسلاك شائكة من استحالة التحقيق، جرنا إلى سؤالها مرة أخرى عن الرواد امثالها ولماذا يغيبون عن الأعمال المسرحية والدرامية وهل من سر وراء هذا التهميش؟
بكثير من الاستغراب وبعلامات استفهام كبيرة، ردت كنزة: «أنا لا اعلم السبب صراحة، فقد حصلت على جوائز عديدة وكنت اقول ستفتح لي باب الاعمال والشهرة، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، في حين من نالوها معي مناصفة هم الآن نجمات».
وتضيف «الرواد منسيون وأنا واحدة منهم» وللتوضيح اكثر، قالت إن «كل هذا التهميش سببه أنني فنانة راقية مثقفة ولست سهلة الهضم ولدي معرفة كبيرة في الميدان الفني في المغرب وتجربة كبيرة في التكوين والتنظير، لذلك ببساطة أعيش حالة من التهميش كبيرة جدا».
في إطار المستجدات، سألت «القدس العربي» كنزة فريدو عن مبادرة وزارة الثقافة والتلفزيون المغربي من خلال «المسرح يتحرك» وهل سيتحرك المسرح ومعه الفنان بالفعل.
بالنسبة للفنانة كنزة فريدو، فإن التلفزيون المغربي يمرر دائما الدعاية لمسرحيات قديمة، أما بخصوص المبادرة الجديدة، فقد طرحت فرضية أنه قد يكون الامر قد قضي وقد تم اختيار المسرحيات وانتهت المسألة قبل بدايتها».
ختام الحوار مع الفنانة المميزة كنزة فريدو، كان بسؤال الجديد، حيث أعلنت عن أعمال سينمائية جديدة شاركت فيها وهي «من أجل القضية» للمخرج حسن بنجلون، و»لكمة» للمخرج محمد امين، و»التائهون» للمخرج سعيد خلاف وأخيرا «نساء الجناح 4» للمخرج محمد نظيف.
كما أفادت بأنها قدمت عرضا ما قبل الأول لمسرحية «أحلام أمل» في شهر 12 من السنة الماضية، وهو عمل من إخراجها ومن تأليف شريفة الحمري ويصنف في خانة المسرحيات الاستعراضية.



 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best Buy Coupons تعريب : رشيد شكري