skip to main |
skip to sidebar

5:07 ص

جمعية محترف شمس للمسرح
هسبريس
من الرباط
نعى
الفنان المسرحي عبد المجيد فنيش الممثلة خديجة أسد، التي وافتها المنية الأربعاء
المنصرم، واصفا إياها بكنزة الأَوربية بلمسة الطيب الصديقي، التي خلفت وراء ظهرها
خزانة درامية متنوعة غنية لاقت إعجاب واستحسان جيلين من مختلف الأذواق.
وهذا
نص المقال:
خديجة
أسد.. انطلقت غاية في الشموخ، ورحلت غاية في البهاء، هكذا كانت مسيرتها الفنية بين
علامتين، يسميها آخرون صيحتين: الأولى يصيح فيها المولود في وجه أهله حين الخروج
من الرحم، وأما الثانية فيصيح فيها الأهل في وجه هذا المولود حين تفيض روحه بعد
عمر كان كتابا مؤجلا.
دوما
وإلى غاية اللحظة، ستبقى صورة خديجة أسد أمام عيني وفي عمق الذاكرة، وهي تقف في
عنفوان عنفوانها الباذخ، في مشهد ماتع من الخالدة مسرحية “مولاي ادريس” التي صاغها
الأديب الشاعر أحمد عبد السلام البقالي، ونحتها على الركح العميد العمدة الطيب
الصديقي.
كان
هذا على خشبة سينما الأمبير في فاس، شهر مارس سنة 1964، وقد وضع الصديقي ثقته في
خديجة أسد لتشخص دور كنزة بنت عبد الحميد الأوربي أمير قبيلة أوربة التي بايعت
المولى إدريس الأكبر، وتم ساعتها زواجه بكنزة لتكون والدة لباني مدينة فاس المولى
إدريس الأزهر.
في هذا
العمل التاريخي الذي أبدعه الصديقي بلمسة تجريبية مبهرة، وقفت خديجة بكل رونق أمام
مشخص دور المولى إدريس الأكبر، الفنان الأيقونة هلال عبد اللطيف رحمه الله
وأسكن
أرواح خديجة والبقالي والصديقي جنة الفردوس، جزاء لهم على حسن الصنيع في تقديم لحظة
فارقة من تاريخ الأمة، بكل علو مراتب الصنعة الإبداعية التي امتزجت فيها- بتركيب
سحري- الوثيقة التاريخية الجامدة، والمشهدية الفرجوية المتدفقة.
هكذا،
وبكل إيجاز، كانت البداية الكاملة المتكاملة لخديجة، التي توفقت ونجحت في أن تجمع
بين حسن البداية وحسن الخاتمة.
وها هي
خديجة أسد تحط الرحال في دار البقاء، بعد أن شكلت على مدى نصف قرن أحد أقوى وأبهى
ثنائي درامي مغربي رفقة حبها، عشقها، زوجها، الفقيد سعد الله عزيز، تغمده الله
بواسع الرحمة.
ترحل
خديجة وقد تركت للناس خزانة درامية متنوعة غنية بكل جيد وماتع، تفاعل معه بكل
إعجاب واستحسان جيلان من مختلف الأذواق.
كم
كانت قد ملأت الدنيا حيوية وبهجة، وكم كانت حريصة على أن تتحمل ثقل الألم دون أن
تزعج أحدا .
والآن،
وقد قالت خديجة كلمتها وانصرفت، سيقول الناس- كل الناس- آه ثم آه كم كانت خفيفة
الظل في حضورها وفي لحظة غيابها.