بقلم:
عبد الكريم برشيد
فاتحة الكلام
يقول
ألبيرت إينشتاين ( إذا تعارضت النظرية مع الواقع فغيروا الواقع) مما يدل على النظرية
تسبق الواقع، خصوصا عندما تجد النظرية من يحملها، ومن يكون في مستوى قوتها و خطورتها،
ولقد سعينا نحن الاحتفاليين إلى تغيير الواقع، انطلاقا من النظرية الفكرية، وليس من
الخواء، في حين ظل جزء كبير من النقد المسرحي المغربي والعربي يطالبنا، مرة بتغيير
هذه النظرية، وفي أغلب المرات بالتخلي كليا عن هذا ( العبث) الذي تمثله كل النظريات،
ولقد زاد الذين يزيدون في العلم، وطالبونا بالاعتذار عن اقتراف خطيئة النظر والتنظير..
والاعتذار لماذا؟ هل فقط لأننا اجتهدنا؟ وأن اجتهادنا يحتمل الصواب، كما يمكن أن يحتمل
الخطأ؟ وهل لأننا قدمنا تصورا قديما ـ جديدا للعالم؟
وهل
لأننا خالفنا في العالم العربي التيار الفكري العام، والذي كان تيارا قائما أساسا على
الشعارات وعلى التحريض وعلى اتهام الآخرين بالرجعية و بالتحريف و بالتخوين وبالتكفير؟
وهل
لأننا لم تكن نؤمن بالصراع الطبقي، كما يراه ماركس ومن معه، او بالصراع الطائفي كما
يراه الطائفيون في العالم العربي، و أننا في مقابل كل ذلك كنا إنسانيين، وكنا متسامحين،
ولم نؤمن بالعنف والانقلاب وبالثورة الدموية ولا بالصراع الطبقي، أو بصراع الأجيال،
أو بأكذوبة حرب الحضارات، ولا بقتل الأب ولا بقتل الكاتب في عالم الكتابة؟
وهل
لأننا فقط، رأينا هذا العالم، في تعدده و تنوعه و تكامله، بعين احتفالية مبصرة ومتبصرة،
عين تتعايش فيها كل الألوان و الظلال والأشكال؛ عين عيدية واحتفالية تنشد الجمال، ومن
أين جاء هذا الجمال، من الشرق أم من الغرب، من الشمال أو من الجنوب، وهي فعلا تنشد
هذا الجمال، في الناس وفي الأشياء وفي العلاقات وفي المؤسسات وفي الافكار وفي الاختيارات،
وهي تعشقه لجماله وكاله وصدقه و مصداقيته وتسعى إليه؟
وهل
لأننا في هذه النظرة الاحتفالبة والعيدية لم نكن إيديولوجيين، ولم نكن عدميين، ولم
نكن مدرسيين، ولم نكن ملحميين، ولم نكن فوضويين، ولم نكن عبثيين، ولم نكن مستغربين،
ولم نكن مقلدين، ولم نكن مستلبين ولم تكن ظلاميبن؟ و بعكس كل ذلك، فقد كنا نحن، ولم
نكن غيرنا، وتمسكنا بروحنا الشرقية، وأكدنا كثيرا على منبتنا الأفريقي، وعلى تعددنا
اللغوي، وعلى أن احتفاليتنا هي جزء صغير جدا من احتفالية إنسانية وكونية كبرى.
وما
صرحنا به في واسط السبعينات من القرن الماضي من أقوال، وما قدمناه من أفكار ومن اختيارات
جريئة و حرة، وما كتبناه من كتابات في كتب او في بيانات، لم يكن أبدا شيئا بسيطا ولا
سهلا، ربما لأنه جاء قبل زمنه، أو لأنه في جراته، قد شكل ثورة ناعمة على سياقه الفكري
والسياسي والإيديولوجي العام، والذي كان سياقا تحكمه الإيديولوجيا، وتؤثثه الشعارات
المثالية، وتقيم به الأفكار الطوباوية. ولقد أكدنا على الاحتفالية في زمن الحرب الباردة،
اي على على فعل الاحتفال في زمن الهزيمة، وهل يصح الاحتفال في زمن الهزيمة؟
ولقد
أكدنا على الحرية في زمن الاستبداد، إيمانا منا بان مطلب الحرية هو مطلب مطلق، وانه
لا يشترط زمنا محددا، لأنه لا حياة كريمة بدون حرية، ولا فكر صادق بدون حرية، ولا فن
جميل ونبيل بدون حرية، وإلى حدود هذا اليوم، فإننا مازلنا نؤكد على هذه الحرية العاقلة
و المسؤولة
و
الزمن العربي اليوم، مازال كما كان من قبل، زمنا عاطفيا وطائفيا مغلقا على نفسه، و
مغلقا على أوهامه وعلى ( حقائقه)، ان كانت لديه فعلا حقائق، وبهذا فقد كنا دائما ضد
الموسمية وضد الظرفية التي يمثلها صعود أو انهيار هذا التيار أو ذاك، او هذه الطائفة
او تلك، او هذا الحزب الحاكم او ذاك، وفي هذا المعنى بقول الاحتفالي:
( الزمن غير احتفالي ونحن نطالب بالاحتفالية، ولو كانت موجودة
ما طالبنا بها. الإنسان يطلب شيئا غير موجود. الاحتفالية الحقيقية هي أفق مثل قمر في
السماء، مثل شمس، مثل شيء بعيد عنا، نبحث عنه، وكلما اقتربنا منه يبتعد عنا، فهذا الزمن
غير احتفالي، زمن الآلة، زمن القمع، زمن الظلم، زمن الفوارق الطبقية، ونحن في الاحتفالية
ندعو إلى الجمال، وإلى الحق، وإلى العدالة، وإلى الأخوة والمساواة والتسامح، وكل هذه
الأشياء غائبة، ولكن ينبغي أن تكون، وينبغي أن نحققها، والفن يوجد الأشياء بالقوة،
وهذا ما تسعى إليه الاحتفالية. هي ان تعرف أن هذا الزمن صعب، ولكنها تستمر، وتعرف أنها
تسبح ضد التيار، ولكنها تسبح، وتعرف أن الواقع يريد فنا تجاريا، و تصر على أن يكون
الفن جميلا و أصيلا و جادا، والواقع يطلب منا أن نركب الموجة العالية .. و الاحتفالية
تسبح دائما ضد التيار، وبغير هذا ما كانت هي الاحتفالية)
حوار
مع عبد الكريم برشيد ( الاحتفالية هي التعبير الحر للإنسان الحر في المجتمعات الحر،)
عبد الحميد خليفة – مجلة (الحياة المسرحية) دمشق
من
هم الاحتفاليون؟
هذه
الاحتفالية هي اساسا افكار رمزية، ولكن الاحتفالي فيها جسد وروح. ووجدان وعقل و إرادة
و خيال ومسيرة و مسار واحلام و اوهام وفعل و انفعال و تفاعل و فاعلية وحركة ومحرك وطاقة
محركة ومتجددة، ولهذا فقد كان ضروريا ان نلتفلت إلى العقول والأرواح التي حملت الأفكار
الاحتفالية، والتي ابدعت من داخلها، والتي تماهت فيها لحد الحلول الصوفي، حتى اصبحت
هذه الاحتفالية تمشي بين الناس
ولقد
قيل كلام كثير عن شخص الاحتفالي، ومن هو الاحتفالي الحقيقي؟ ومن هو شبه الاحتفالي أو
من هو اللااحتفالي؟ ولقد اجتهد المجاهدون على امتداد نصف قرن من غير ان يصلوا الى اية
نتيجة، ومن غير ان يتم تعريف الاحتفالي بشكل دقيق، وبذلك فقد بقي هذا الاحتفالي شخصية
غامضة وملتبسة، وكانه شخصية خرافية او اسطورية، مع انه مثلنا كلنا، هو واحد من الناس
الذين يأكلون الطعام و يمشون في الأسواق، والذين يحلمون وهم يمشون، والذين يسافرون
ولا يصلون ابدا، لأن الوصول يعني النهاية، وطن مهم هو ان تكون حياتهم بداية جديدة ومتجددة
إلى .. ما لا نهاية، وبهذا فقد كان من واجبنا أن نقول البوم، تماما كما قلنا بالأمس،
بان الاحتفالي هو كل الناس وهو لا احد ايضا، وهناك في الناس من هو احتفالي، وهو يعرف
بانه احتفالي، وهذا هو اسعد كل الاحتفاليين، لأنه أنصت لسقراط الذي قال له ( اعرف نفسك)
ولذلك فقد حرص على ان يعرف نفسه، وهناك احتفالي آخر لا يعرف انه احتفالي، وهو في حاجة
متجددة لمن يقول له (انت احتفالي) وان يثبت له بالدليل و البرهان بانه فعلا شخص احتفالي،
سواء في فنه وفكره او في حياته اليومية
وهناك
من هو احتفالي، بشكل خفي وسري، ويخاف في هذا العالم الماتمي، من ان يقول انا احتفالي،
وان تعرف القوى المعادية للاحتفال. الاحتفالية بانه احتفالي، الخير كل شيء، ولا يربح
اي شيء، وتلحفه لعنة الفوضويين ولعنة العبثيين ولعنة الظلاميين لعنة العدميين الى يوم
الدين، وهناك في الناس من يظن انه من الممكن ان يكون نصف احتفالي، او ربع احتفالي،
وانه من حقه ان يكون في مسرحه احتفالي، من غير ان ان يكون احتفالي في سلوكه وفي شبكة
علاقاته وفي موافقه وفي مختلف اختياراته الأخرى
وهناك
من هو احتفالي مع الاحتفاليين، في اللحظات وفي السياقات الاحتفالية. ولكنه مع غير الاحتفاليين،
وفي غير الفضاءات الاحتفالبة، هو دائما كائن غير احتفالي
وبخصوص
التساؤل: من هم الاحتفاليون الحقيقيون، ومن يكونون، ومن أين أتوا، أو من أين أتوا بهذه
الاحتفالية، او من اين أتتهم هذه الاحتفالية، هل من الارض ان من السماء؟ من الإنس ام
من الجن؟ يقول في حواره مع رشيد عفيف في حواره المطول لجريدة (المساء) المغربية يقول
الاحتفالي ما يلي:
(ويمكن أن نرجع إلى الأسماء المؤسسة لهذه الجماعة لنجد أن على
رأسها الطيب الصديقي الكاتب والمخرج، وأن من بينها ثريا جبران الممثلة ومحمد الباتولي،
المسرحي والشاعر الزجال مؤسس الأغنية الاحتفالية مع عبد الوهاب الدكالي، وعبد الرحمن
بنزيدان الناقد في مرحلة عابرة، ونجد عبد الوهاب عيدوبية المخرج وعمر سليم المخرج والإعلامي
الكبير وعبد الكريم برشيد المؤلف والمخرج والمنظر ورضوان احدادو الكاتب والمؤرخ المسرحي
وفريد بنمبارك المخرج المسرحي والتلفزيوني ومصطفى سلمات الممثل الكبير الذي عاش الاحتفالية
في مسرح الناس مع الطيب الصديقي ومحمد فرح الشاعر والكاتب المسرحي ومحمد بلهيسي صاحب
الملاحم الاحتفالية الباذخة والطفل المسرحي جناح التامي والذي تشبخ سنوات عمره وهو
لا يشيخ، مؤسس احتفالية الطفل، والتي قد تصل إلى حدود التسعين فما فوق، وعادل محمد
الممثل وصاحب تجربة مجلة ( اللواء) والممثل والمخرج محمد التسولي الذي كان اول من تخرج
مسرحية حماية الغربة من خلال اكثر من اخراج واحد، ومن خلال اكثر من رتبة إخراجية واحدة،
كما انه تخرج مسرحية ( ابن الرومي في مدن الصفيح) وعبد العزيز الناصري المخرج الذي
قدم (فاوست والأميرة الصلعاء) و( مرافعات الولد الفصيح) برؤية احتفالية حافلة بالشخصيات
و الأزياء في الثمانينات من القرن الماضي والكاتب والمنظر المسرحي د.محمد الوادي، والذي
قدم تنظيرا مكملا، وأضاف للمسار الاحتفالي ما أسماه المسرح الاحتفالي الجديد، أو الاحتفالية
الجديدة، ولقد نشر بيانات وكتب نصوصا مسرحية أيضا، اما من رافق هذه الاحتفالية، منذ
صرخة الولادة الأولى فهما العالمان المؤرخان د. مصطفى رمضاني وذ. محمد اديب السلاوي،
فالأول وقع على اول بحث جامعي عن الاحتفالية، والثاني اصدر اول كتاب عن الاحتفالية
من بغداد
وإلى
جانب كل ما هؤلاء، نجد الاحتفالي الشامل، عبد العالي بلفقيه، وهو ممثل ومخرج وفنان
تشكبلي ومهندس ثقافي، مؤسس ومدير مهرجان سيدي قاسم، والذي أصدرت احدى دوراته ( بيان
سيدي قاسم الاحتفالية المتجددة)
ولا
يمكن ان ننسى عبد الواحد قيصر، الفنان القادم من مدينة وادي زم، والذي قدمه المخرج
محمد البارودي في مسرحية (الناس و الحجارة) والذي واصل الحضور الاحتفالي من خلال مسرحيات
جحا في الرحى) و( الدجال و القيامة) و( الجحاجيح)
كما
لا يمكن ان ننسى ذ.عبد السلام لحيابي، الممثل والباحث والمثقف الموسوعي، و حامل الفكر
الاحتفالي عن قناعة فكرية متبصرة
وماذا
يمكن ان نقول عن المرحوم عبد السلام الشرايبي، والذي كان قريبا جدا من الوجدان الشعبي،
الذي مسرح شعر الملحون المغربي، والذي أنطق الساحة الشعبية لغة المسرح؟
وماذا
يمكن ان نقول عن الأستاذ محمد حسن الجندي، القمة الأطلسية العالية جدا؟ ألم يكن في
هذه الاحتفالية مبشرا ورائدا ومؤسسا ومجددا؟
نفس
الشيء يمكن ان نقوله عن كبيرنا الذي علمنا السحر الحلال، سواء في حياة المسرح أو في
مسرح الحياة، والذي هو الكبير الأستاذ عبد الله شقرون، والذي اعتبره الاحتفاليون المعلم
الأول
وفي
مجال التفاعل العلمي والفكري مع الاحتفالية والاحتفاليبن، فإنه لابد من الإشارة إلى
الدكتور خالد الأمين، والذي مارس مع الاحتفالية حوارا علميا عاقلا و رصينا، بالإضافة
إلى كوكبة كبيرة من المسرحيين العرب يأتي على رأسهم المخرج المسرحي المجدد سعد اردش،
والذي ناقش الاحتفالية و الاحتفاليين بهدوء، ابتداء من صدور ( البيان الاول لجماعة
المسرح الاحتفالي، والذي صدر بمدينة مراكش سنة 1979
وفي
مدينة القنيطرة نجد اسم رضوان الإبراهيمي الممثل والمخرج ومؤسس مهرجان سلة موندرام،
والذي اصدر في دورته الثانية ( بيان القنيطرة للاحتفالية المتجددة) كما قام بإخراج
مسرحية ( المتمردة) او ( عيشة قنديشة الجنية التي ارتدت ان تصبح انسية)
اما
في مدينة الجديدة الأطلسية، فإننا نجد الاحتفالي كبير ديكار، وهو مخرج مسرحي پؤمن بأهمية
ادخال الاحتفالية الى المدرسة، اربط التلميذ بمناخه الثقافي
اما
الجديد من الاحتفاليين فيمثله الشاب منصف خمليشي إدريسي، وهو طاقة احتفالية خلاقة،
وإلى
جانب كل هؤلاء نجد المخرج عبد الغني بن طارة من تونس، والذي كان أول من أخرج مسرحية
(اسمع يا عبد السميع) مع المسرح الوطني التونسي سنة 1983، والذي أنشأ بتونس العاصمة
فضاء مسرحيا سماه (فضاء الاحتفال) وكان ذلك داخل فضاء ضريح أو زاوية، ولقد تم الإجهاز
عليه عندما جاء حزب النهضة إلى الحكم بعد الخريف العربي، كما نجد المخرج حميد صابر
من البصرة في العراق، والذي أوجد في ظل الحرب العراقية مع إيران مصطلحا أوسع هو الاحتفالية
الحربية، كما نجد علي مهدي من السودان، الأمين العام للهيئة العالمية للمسرح ومؤسس
مهرجان البقعة الدولي للمسرح في أم درمان، والذي أوجد احتفالية أفريقبية غنية بالاحتفالات
الشعبية وبالأعياد وبالإيقاعات الأفريقية وبالروح الصوفية، ونجد محمد سلار من كردستان
العراق، والذي أنطق الاحتفالية لغة الأرض ولغة الإنسان، كما سبق للفنانين الكرديين
شامل ونيكار أن قدما في الثمانينات من القرن الماضي مسرحية ( اسمع يا عبد السميع) باللغة
الكردية وأعطياها نفسا احتفاليا جديدا، وأعطياها روحا جديدا، انطلاقا من التراث الكردي
المتمثل في قصة العشق بين فرهارد وشيرين.
ولا
يمكن ان ننسى كبار النقاد والمسرحيين والباحثين المغاربة و العرب، والتي يأتي على رأسهم
الكبيران د.علي الراعي من مصر ود. حسن المنيعي من المغرب، كما لا يمكن ان ننسى مجموعة
من النقاد بالمغرب، من بينهم د. نذير عبد اللطيف ود. رشيد بناتي ود. محمد النوالي ود.
عبد الفتاح ابطاني وذ. حميد تشيش ود. نور الدين الخديري ود. عطاء الله الأزمي.. وغيرهم
كثير، وسوف اعود اليهم في مناسبات قادمة
الاحتفاليون:الطريق
ورفاق الطريق:
الاحتفالية
إذن أخوة وصحبة ورفقة صوفية، قبل أن تكون أي شيء آخر، وهي طريق من طرق الحياة ومن طرق
الوجود والعيش ومن طرق التفكير والتدبير، وهي لا تنتمي إلى منطقة من المناطق، ولا إلى
جهة من الجهات، وهي حالة وجدانية اقتسمتها نفوس و عقول و أرواح إنسانية، ويمكن أن نلاحظ
أن الأسماء التي تنتمي إلى الاحتفالية، وتنتمي إليها هذه الاحتفالية، هي أسماء أكبر
من الجغرافيا، وغدا ستكون أكبر من التاريخ أيضا، وهي بهذا تنتمي إلى الجهات الأربع
للوطن المغربي أولا، وللوطن العربي ثانيا، وللوطن الكوني والإنساني ثالثا، ولأنها أكبر
من الزمن ـ ولو أنها بنت الزمن ـ فهي لا تمثل جيلا واحدا من أجيال الفنانين والمبدعين
والمفكرين في هذا الوطن الإنساني اللامحدود، وهي بهذا لا تؤمن ب ( قتل) الأب، تماما
كما لا تؤمن بإشاعة ( صراع الأجيال) ولا بإشاعة ( حرب الثقافات) لأن من طبيعة الأفكار
الصادقة والحقيقية والجميلة، انها لا تحارب الأفكار الصادقة والحقيقية والجميلة مثلها،
ولكنها تحارب الأفكار الكاذبة والمزيفة والقبيحة، ثم إن لائحة الاحتفاليين هي لائحة
غير تامة، وغير مغلقة، وغير نهائية، ومن الممكن أن يكون الاحتفالي موجودا في كل علم
وفي كل فن، وأن يكون موجودا أيضا في كل أرض وفي كل زمان ومكان، وفي هذه الاحتفالية
يوجد العالم والمفكر والشاعر والفنان والصانع والباحث والناقد والمؤرخ والممثل والشاعر
والساحر والمسافر والعاشق للحياة وللجمال وللحقيقة، وأن يكون فيها كل صناع البهجة وصناع
الفرح.