لنا دوما معكم لقاء

الأحد، 6 أكتوبر 2024

شيكر: المغرب يلبس جلباب القرن 19

 

هسبريس - وائل بورشاشن

المغرب لم يخرج حقيقة من القرن التاسع عشر، حسب مؤلَّف جديد للباحث محمد شيكر، لأن “كل الملفات التي كان يجب عليه معالجتها في ذلك القرن ما تزال مفتوحة، سواء تعلّق الأمر بالتعليم، أو الصحة، أو الاقتصاد، أو التمويل العمومي، أو الاجتماع، أو المؤسسات، أو السياسة، وحتى السيادة والتخطيط المكاني”.
وأورد الكتاب الصادر باللغة الفرنسية، بعنوان “نماذج التنمية والتجربة المغربية، ليولدَ الفينيق من جديد”، أن المغرب مع أخذه بنموذج الانصياع النيوليبرالي منذ 1993 وصولا إلى 2019، “تطوَّرَ حتما لكنّه لم يتقدّم”، وكانت الثروات المجمّعة غير كافية لسيرورة التنمية، وخلق ظروف عيش تلحق البلاد اقتصاديا بالدول النامية، رغم خوصصة مجموعة من المؤسّسات الكبرى والتقليل من أسلوب عيشها عبر تخفيض حسابات التشغيل، وإزالة “الشحوم العملاقة”، بالمغادرة الطوعية، وعدم تعويض المتقاعدين.
وعرف المغرب مع هذا النموذج، وفق الكتاب الصادر عن مركز الأبحاث والدراسات عزيز بلال، نموّا ذا جودة سيئة نتيجة للنشاط الضعيف للقيمة المضافة، رافقته الفوارق الاجتماعية والمجالية التي تفاقمت مع مرور الوقت، مع ارتكاز كبير لرأس المال دون تأثير حقيقي على الاستثمار.
واستحضر الكتاب لحظة مجد المغرب، وأوضح أنه كان الفاعل الأساسي في ظهور الحضارة الأندلسية المغاربية، التي رافقت الجزء الغربي من الحضارة العربية-المسلمة، متسائلا: “هل المغرب في موقف يخوِّل له تجديد الارتباط بماضيه المجيد، وغلق قوس الانحطاط الذي استمر لفترة طويلة جدا؟”.
وأبرز الكتاب، بعد بسط مجموعة من التعريفات النظرية للنماذج الاقتصادية وعوامل التنمية، أن مغرب المنصور الذهبي، قبل الثورة الصناعية، “كان قد وضع قواعد بنية تحتية صناعية في مجال النسيج، والمنتجات الزراعية الموجّهة للتّغذية، والمجال العسكري”، ولكن لم ير من خلفوا هذا السلطان أن هناك حاجة لتقوية هذه الصناعة وتنميتها.
واستعاد الكتاب ذكرى عهد الحسن الأوّل عندما أرسل المغربُ، مثل يابان الميجي وتركيا العثمانيين، بعثاته إلى أوروبا لمعرفة أسرار نجاحها في الميدان التقني وأخذ أسس النهضة الغربية، موردا: “عكس اليابان التي رأت في الحداثة الأوروبية فرصة قامت بملاءمتها يابانيّا، اعتبرها المغرب وتركيا تهديدا وعارضاها بدافع رفض ديني”.
وأوضح الكاتب أن المغرب تبنّى منذ أزيد من 60 سنة ثلاثة نماذج أساسية بنت الإطار المرجعي للسياسة الاقتصادية، هي: 1959-1964، 1965-1982، 1983-2019، وفسَّر قصر مدة النموذج الأوّل بتفكيكه بعد رحيل حكومة عبد الله إبراهيم، بينما تمّ التخلي عن النموذج الثاني في 1978 عندما أراد المغرب إنضاج سياسة بديلة تتعامل مع أزمة الديون السيادية، فأخذ استراحة سنتين لكنها مُدِّدَت، بفعل الواقع، إلى حدود 1983، ليتمّ بالتالي التخلي عن هذا النموذج كما تم تبنيه في ظروف موسومة بأزمة المالية العمومية وتوتّرات اجتماعية قوية، بفعل الأحداث التي عرفتها سنوات 1965-1981، بينما لم يُتَبنّى النموذج الثالث إلا بعد تعديل بنيوي لمدة 10 سنوات من 1983 إلى 1992.
ويرى شيكر أن المغرب يعي في أيامنا الحالية الضرورة التي تدفعه إلى تغيير نموذجه الاقتصادي، وهي فرصة من أجل القيام بسيرورة قطيعة وتحرير للمِخيال الجماعي من الممارسات التي تكبح تقدّمه، مذكّرا بأن للمغرب إمكانيات بشرية، وإمكانيات لا مادّية ومادية كافية، و”له كل خصائص الفينيق”، من عمق تاريخي، ودولة علمانية، إضافة إلى كونه قطعة أساسية في بروز الجناح الغربي للحضارة العربية الإسلامية، وفعلِه لمدة طويلة في المجال العالمي.
وعاد الباحث في خلاصة كتابه إلى ما عاناه المغرب بسبب إجهاض تجربة أحمد المنصور الذهبي الإنتاجية في قطاعات النسيج، والمنتجات الغذائية الموجَّهة للتغذية، والسلاح، بسبب غياب الطابع المؤسساتي الذي يضمن الاستمرارية، وعدم تلاؤم المناخ الداخلي مع هذه الأنشطة الجديدة التي قُدّمت في ظل عدم اهتمام الساكنة، والخبرة الصناعية والتدبيرية التي كان أصلها أجنبيا.
وانتقد الكاتب النخب التي “تبدو سعيدة في راحة الروتين، ولن تذهب إلى حدود القطيعة”، وهو ما لن يكون معه من جديد في النموذج التنموي الجديد “إلا الغلاف الذو الصبغة الاجتماعية”، داعيا في هذا السياق إلى الجرأة وإمساك الثور من قرنيه، موردا: “من أجل التَّجَرُّؤِ يجب على النخب أن تستخلص شجاعتها من يأسها، وتعي أنه ليس هناك ريح إيجابية، أي مسيرة موفقة، لمن لا يعرف إلى أين يتَّجِه”.

لباس سلطاني قديم

لباس نسائي تقليدي


 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best Buy Coupons تعريب : رشيد شكري